غراب أسود وحمامة بيضاء

 " حكايات المتوحد 

‎يقول الصبي الياباني ناوكي هيكَاشيدا عن داء التوحد autisme في إحدى شذرات كتابه "أتعرف لماذا أقفز. "الصوت الداخلي لمتوحدّ يبلغ 13 عاما":

‎ "أعتقد أن المتوحدين وُلدوا خارج الحضارة... هذه ليست مجرد نظرية فبركتها. يوجد اليوم إحساس عميق بالأزمة، بسبب كل هذه المجازر التي نشهدها في الجهات الأربع من الكوكب، وأشكال الهدم الهوجاء التي يتعرض لها من البشرية، وقد فاضت أنانيتها عن كل حد. خلل التوحد ناشئ عن هذا الوضع المفجع... ونحن، المتوحدين أشبه بمسافرين قادمين من ماض بعيد، بعيد جدا. وإذا كنا، بتواجدنا هنا، يمكن أن نساعد البشر على تذكّر ما هو مهم حقا بالنسبة للأرض فإن هذا سيعود علينا بغبطة صافية." وينقل كاتب تقديم الكتاب جوزيف شوفانيك، عن الصبي المصاب بمرض التوحد أنه لم يعرف أنه معاق حتى أخبروه بذلك... ويكتب في خاتمة التقديم: "هذا كتاب جعلتني قراءته أتحسر على أني كبرت، على أني لست "متوحدا" بما فيه الكفاية." 


القصة الثانية :

غراب أسود وحمامة بيضاء 

كان هناك غراب يحب أشد ما يحب، أغنية عنوانها: الغربان السبعة الصغيرة. تبدأ الأغنية هكذا: يا غراب، يا غراب، ياغراب، لمَ لا تتوقف عن النعيق؟ في الحكايات، عموما يكون الغربان هم الحقراء الذين يكرههم الجميع. لكن لم يكن الأمر كذلك في هذه الأغنية. وذات يوم تاهت حمامة كلّها بيضاء، فَلقِيَت الغراب الْكلَّه أسود، وسألته: "إلى أين يقود هذا الطريق؟" وحنت رأسها أسيانةً ساهمةً في التراب. متأثرا سألها الغراب بدوره: "يبدو أن الأمر ليس على ما يرام. ما بك؟" شرَقَت عينا اليمامة بالدمع وأجابت: "أبحث منذ زمن عن طريق السعادة، لكني لم أعثر عليك في أي مكان... أنا التي يدعونني: طائر السلام." صعقت الغرابَ مفاجأةُ أن يكون طائر بهذا الحسن، ومحبوبا من الكل، يعاني من مشاكل مستعصية. وكان جوابه: "لكن كل الطرق متضافرة متصلة، وتشكّل طريقا واحدا." حبس الجوابُ أنفاس الحمامة، وبعد لحظات صمت أجابت مبتسمة: أحقّاً ذلك؟ الطريق التي أبحث عنها، إذن، طيلة هذا الوقت هي نفسها التي أوجد فيها... منتشيةً بحالها الجديدة حلّقت الحمامة في السماء الزرقاء. رفع الغراب أيضا رأسه نحو السماء، وبرفة جناحين رامحةٍ حلّق. ولم يكن الغراب الأسود أقلَّ كمالا من الحمامة البيضاء، وهو يرتسم على أزرق السماء.

إرسال تعليق

طفولتنا إزدهارنا ومستقبلنا

أحدث أقدم